كود اعلان

مساحة اعلانية احترافية

آخر المواضيع

هشاشة الحياة البشرية .. والتئام الحضارات




واشنطن: توماس جورجيسيان

_____________

التوقف أمام السطور التالية وتأملها أمر لا مفر منه.انه أمر ضروري  لكي نعرف من جديد قيمة الكلمة والكتابة بسرها وسحرها في اكتشاف الذات."كلما زادت تلك العزلة جموحًا، زادت الذكريات التي أحاول نسيانها وضوحًا، وزاد وزنها ثقلًا. وهكذا اكتشفت أن المكان الذي فررت إليه ليس مدينة على الجانب الآخر من العالم كما ظننت، وتمنيت. بل إنه مكان يجبرني على النظر أكثر في داخلي الذي أحاول تجنبه." 

سطور كتبتها هان كانج في كتابها "الكتاب الأبيض" الصادر عام ٢٠١٦. وهي الكاتبة الكورية الجنوبية التي فازت بجائزة نوبل للأدب هذا العام. وتبلغ من العمر ٥٣ عاما.

أكاديمية نوبل وهي تمنح جائزة نوبل في الأدب لهان كانج أبدت احتفائها بما كتبته وذكرت “لنثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية"

وقد يقف البعض منا متأملا أمام توصيف "هشاشة الحياة البشرية" لما تحمله من صراحة وصدق وجرأة في وصف ما يعيشه ويعاني منه الإنسان في مواجهة التحديات التي تشكل حياته وتأخذه إلى أماكن لم يرتادها من قبل. وقد يتساءل البعض الآخر هل المرأة أكثر قدرة وأكثر رغبة في التعبير عن هذه الهشاشة؟ ومن ثم التعايش معها أو تجاوزها وتجاوز صدماتها وآلامها.؟ كانج هي الكاتبة رقم ١٨ في قائمة الكاتبات التي حصلن على جائزة نوبل للأدب. وأول كاتبة حصلت عليها كانت سيلما لاجرلوف السويدية في عام ١٩٠٩ وكانت في ال٣٣ من عمرها. 

في السنوات الأخيرة ومع فوز الكاتبات بجائزة نوبل للأدب علينا بالطبع أن نقترب أكثر من عالمهن وأن نتعرف أكثر على ما حاولن التعبير عنه وتأمله معنا من مشاعر ومواقف انسانية حاولنا دائما أن نفهمها أو أن نتجاوزها حتى نعرف كيف نعيش حياتنا. وان استطعنا أن نستمتع بها وبتفاصيلها. البريطانية دوريس ليسنج (الحاصلة على نوبل عام ٢٠٠٧ حرصت على القول "أعتقد أن مهمة الكاتب هي إثارة الأسئلة. أحب أن أتصور أن من يقرأ كتابًا من تأليفي قد حصل على ما يعادل الاستحمام في الأدب، ولا أدري ما هو. ربما كان ذلك ما قد يدفعه إلى التفكير بطريقة مختلفة بعض الشيء. أعتقد أن هذا هو ما يفعله الكتاب." ليسنج كانت في ال٨٨ من عمرها عندما حصلت على نوبل. لذا تعد الأكبر عمرا في قائمة الفائزين بنوبل الأدب.

أما الأمريكية توني موريسون (القائزة بنوبل الأدب عام ١٩٩٣) في وصفها للكتابة والكاتب قالت: "لا يوجد وقت لليأس، ولا مكان للحزن على النفس، ولا حاجة للصمت، ولا مجال للخوف. نحن نتكلم ونكتب ونعبر بكل أفكارنا الحرة. بهذه الطريقة تلتئم الحضارات."

ــــــــــــــــــــــ

وهنا أطرح هذا السؤال الصادق والصادم أيضا .. لماذا هذا الاصرار كل عام مع الإعلان عن الفائز أو الفائزة بجائزة نوبل للأدب على الجدل والنقاش حول أحقية الكاتب أو الكاتبة لنيل الجائزة بسبب عدم معرفتنا به أو كونه من ثقافة أخرى لم نتعرف عليها. ثم نضع أنفسنا في عقد مقارنات لا منطق فيها بين من منا من الكتاب ومن حصل على الجائزة ،، وهنا بالطبع لا انتقص من قيمة من لدينا وضرورة الاعتزاز به والاحتفاء بمكانته بل لا يعجبني بالطبع هذه النظرة السطحية الساعية للانتقاص أو التقليل من قيمة الآخر ـ تتخللها تعبيرات مثل تلك الكورية  أو تلك البولندية التي لم نسمع عنها من قبل. خاصة أن الإعلان عن الفائز لا يذكر فقط اسمه وحيثيات اختياره بل يتم نشر مواد خاصة بحياته وابداعه في موقع الجائزة الالكتروني. وهناك حرص أيضا على نشر المحطات الهامة والمحورية في حياة الفائز ـ كيف أنجز ما حققه ولماذا صار ما أنجزه جديرا بالاحتفاء. 

مجرد ملاحظة أردت تسجيلها لأنه صار أمرا معتادا ومتكررا (مع الأسف) في شهر أكتوبر من كل عام.والموال اياه يتكرر ترديده كل عام 

موال أن كاتب مجهول ومغمور حصل على نوبل. وأن لا أحد يعرفه وأنه لم يترجم الى العربية (كأن هذا ذنبه أو ذنب الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة). كون الكاتب مجهولا بالنسبة لأدباء وكتاب بلغة ما وفي منطقة ما لا يعني أبدا أنه مجهول بالنسبة لمن يبحثون عمن هو مختلف في كتابته ومتميز في تناوله لقضايا البشر وغاطس في أعماق نفوسهم. وهو (الكاتب) في كل هذا يلفت الانتباه ويثير الإعجاب بسبب اختلافه وتميزه عما كتبه أو يكتبه آخرون

ومن أكثر المواويل تكرارا أيضا ـ أنها جائزة سياسية في كل الأحوال ذات قناع أدبي للتمويه والتضليل. وأن هناك بالطبع من هو  الأحق في نيل الجائزة. وهل الفائز هو الأحق من غيره؟  ـ سؤال لا يمكن الاجابة عليه على أساس أن لا أحد قام وتحديدا في عالمنا العربي بالاطلاع على كل ما تم التعامل معه من أجل اختيار الفائز بالجائزة فبالتالي لا يمكن المقارنة ومن ثم المفاضلة بين هذا الكاتب وذاك. خاصة أننا مع مرور الأيام نكتشف أبعادا وأعماقا جديدة وذلك كلما قرأنا وتأملنا كتابات الفائزين بنوبل وهم وهن كتبوا وكتبن في أكثر من ٢٥ لغة حتى الآن. ـ 

في رأيي اختزال الكاتب ومن ثم محاكمته وإدانته بسبب عبارة وردت في رواية أو موقف اتخذه في الحياة العامة أو أبداه في حوار صحفي يعد أمرا غير مقبولا في كل الأحوال. انه الخلط المتعمد والمشوه والظالم لكل ما له صلة بالكاتب حسب هوى القارئ أو بتعبير أصدق وأدق اللا قارئ لأعماله

كما أن ما يحدث عادة  مع إعلان الجائزة كل عام أن تذكرنا دوائر عديدة بأسماء كتاب كبار وعظام لم تلتفت إليهم (أو بتعبير أدق لم تختارهم) لجنة اختيار الفائز ومن هؤلاء الأدباء- على سبيل المثال وليس الحصر - ليو تولستوي وأنطون تشيخوف وهنرك ابسن ومارك توين ومارسيل بروست وجيمس جويس وفلاديمير نابوكوف 

ـــــــــــــــــ

وخاطر آخر يأتي في بالي.. أشاركه مع القارئ

إن وقوفنا على شاطئ البحر لا يعني أبدا أننا نعرف البحر وأمواجه وأعماقه وأسماكه وكل ما أتي به البحر قديما وحديثا

إرسال تعليق

0 تعليقات

مساحة اعلانية احترافية

# مواضيع عشوائية

مساحة اعلانية احترافية

منوعات

مساحة اعلانية احترافية